السّلاحف هي إحدى الزّواحف من ذوات الدم البارد، جسمها محميّ بدرقة صلبة، ولها عدّة أنواع: فمنها من يعيش على اليابسة وتكون له أرجلٌ مُخصَّصة للمشي، ومنها ما يعيش في بُحيُرات المياء العذبة أو البحار المالحة، والتي طوَّرت لذاتها زعانف للسِّباحة عوضاً عن السِّيقان. تتنفَّس جميع أنواع السلاحف الهواء من خلال رئتيها، ولذا حتّى عندما تقضي أوقاتاً طويلة من حياتها في المياه، ستكون بحاجةٍ للخروج منه كل فترةٍ للتنفُّس مرَّة أخرى.[١]
تكاثر السلاحفتضع السّلاحف البيض شأنها شأن بقيّة الزّواحف، ويكون شكل البيض كرويّاً لدى الأنواع ضخمة الحجم، بينما هو بيضويٌّ عندَ مُعظمها، ومع أنَّ السلاحف البحرية تقضي مُعظم حياتها في البحر، إلا أنَّها لا تضع بيضها سوى على اليابسة، ولذلك فهي تبحث عن جزر غير مأهولةٍ أو منعزلةٍ لتبيض فيها. تستطيع الأنثى وضع 50 إلى 200 بيضة دفعةً واحدة،[٢] لكنَّ الغرض من ذلك ليس سوى زيادة فُرَص بعضٍ من صغارها بالبقاء، لأنَّ عدداً كبيراً جداً منهم يموتون خلال فترةٍ قصيرةٍ بعد الفقس، بل في الواقع، يُقدِّر العلماء أنَّ كل 1,000 بيضةٍ تضعُها السَّلاحف لا يخرج منها سوى صغيرٌ واحدٌ يحصل على الفُرصة ليكتمل نموُّه ويصل سنَّ التكاثر.[٣]
بعد التفقيس، يزحف الصغار غريزياً، وبأعدادٍ ضخمةٍ جداً، من مكان تفقيسهم على اليابسة نحو مياه البحر، وعندما يصلُون إلى الماء يبدؤون بالبحث عن الغذاء والاختباء من أعدائهم، وهم لا يعودون إلى اليابسة طوال حياتهم إلا بعد أن يبلغوا ويحتاجوا لوضع بيضٍ خاصٍّ بهم.[٤]
الدّرقة (الصَّدفة)تتكوّن درقة السُّلحفاة من صفائح عظميَّة صلبة متراصّة، تُغطِّيها حراشف قرنيَّة مصنوعةٌ من الكيراتين، وهي نفس المادَّة التي يتكوَّن منها الشعر والأظافر وحوافر الحيوانات، وتُحيط الصَّدفة بجسم السلحفاة لحمايته. مع أنَّ الحراشف القرنيَّة هي التي تُكوِّن الطبقة الخارجية من الصَّدفة والتي اعتدتَ على رؤيتها، إلا أنَّ شكلها هو انعكاسٌ لشكل الصفائح العظميَّة تحتها. من الداخل، تكون درقة السُّلحفاة مُندمجةً مع هيكلها العظميّ؛ حيث إنَّ عمودها الفقري وأضلاعها هُما جزءٌ من صدفتها.[٥] ويُمكن معرفة عمر السّلحفاة بعدد الدوائر أو الحلقات داخل الأشكال الهندسيّة التي على سطح القوقعة؛ حيث يترافق عدد هذه الدوائر مع مواسم الصيف والشتاء (الغذاء الوافر أو الشَّحيح) التي مرَّت بها السُّلحفاة، تماماً مثل عدد الأسنان في الخيل وعدد الدّوائر داخل جذع شجرة بعد قطعها، مع ذلك، عليكَ الانتباه إلى أنَّ هذه الطريقة في تحديد العُمر ليست دقيقةً كثيراً.[٦] ليست للسّلحفاة أسنان، لكن لها منقار قويٌّ قد تصل قوّة ضغطه إلى 80 كيلوغراماً، وهي تستخدم لطحنِ الطعام.
تتنقَل السلحفاة على الأرض ببطءٍ شديد بسبب قصر أطرافها وثقل صدفتها، لذلك يُضرَب بها المثل في البطء، كما يضرب المثل بالأرنب في العدو السريع، وتواترت الحكايات العالميّة التي تروي عن سباق بينهما تفوز به السّلحفاة رغم بطئها بسبب إصرارها. وتكون الدّرقة عند السلحفاة البريّة مثل القبّة، أمّا في الترسة البحريّة تكون أكثر تسطيحاً وانسياباً لتستطيع السباحة في الماء.
خصائص السلاحفتشترك السّلاحف في الخصائص نفسها الّتي تتميّز بها مجموعة الزّواحف، ومن بينها:
تعيش أكبر السّلاحف في العالم على جزر الغالاباغوس الواقعة في المحيط الهادي، على مسافة 900 كيلومترٍ قبالة سواحل دولة الإكوادور في أمريكا الجنوبيَّة، والتي يُمكن لبعضها أن يصل طوله إلى مترٍ ونصف. من المُحتمل أن يتجاوز وزن ذكور سلحفاة الغالاباغوس 230 كيلوغراماً، أما الإناث فقد يتعدى وزنها 115 كيلوغراماً. تمتاز هذه السَّلاحف بسيقانٍ ثخينة ضخمة لحمل وزنها الهائل، لكنَّها مع ذلك تقضي أوقاتاً طويلة من يومها في الجُلوس والرَّاحة.[٩]
تعيش هذه السَّلاحف لمُدَّة طويلة جداً إلى حدِّ أنَّه من المُحتمل رُغم أنَّ ذلك مستبعد ولكنه مُمكن أن تكون بعضُ هذه السلاحف العملاقة الموجودة الآن على قيد الحياة قد قابلت في شبابها عالم الأحياء تشارلز دارون أثناء زيارته للجُزر سنة 1835، وهي الزيارة التي أوحت له بنظريَّة التطور للمرَّة الأولى. تعتبر سلحفاة الغالاباغوس أكثر أنواع مجموعة الفقاريَّات تعميراً (وهذه المجموعة كبيرةٌ جداً، فهي تشملُ جميع أنواع الأسماك والطيور والزواحف والضفادع عدا عن الثدييات بما فيهم البشر)، حيث إنَّ وسطيَّ عُمر هذه السلاحف قد يتعدَّى 100 عام، وأطول عُمرٍ مُسجَّلٍ لواحدةٍ منها حتى الآن هو 152 عاماً.[١٠] تتفاوت سلاحف الغالاباغوس بدرجةٍ كبيرةٍ فيما بينها، فثمَّة حالياً 14 سلالةً قد حدَّدها العُلماء منها، لكلِّ واحدة منها مظهرٌ مُتميَّز وخصائص مختلفة من حيث الحجم والشكل والتشريح، وتعيش كل واحدةٍ من هذه السلالات على إحدى جُزر الغالاباغوس الضَّخمة الرَّئيسة.[١١]
المراجعالمقالات المتعلقة بأكبر سلحفاة في العالم